Macando bp blow out بئر ماكوندو -ديب ووتر هورايزن
قبل فترة قصيرة من الساعة الثامنة مساءً في 20 نيسان (أبريل) ٢٠١١، تم اتخاذ قرار حول طريقة معالجة ثغرة منصة #ديب #ووتر #هورايزن، وما آل إليه مصير 11 رجلاً كانوا يعملون عليها. بعد حفر #بئر #ماكوندو النفطية بعمق 18,360 قدما الخاصة بشركة بريتش بتروليوم، كانت المنصة تستعد للانتقال إلى موقعها التالي في خليج المكسيك. وقبل أن تتمكن من الانتقال، على أية حال، توجب على الطاقم أن يتأكد من أن البئر أُغلقت تماماً بالأسمنت لمنع تسرب النفط أو الغاز. وكانت ''تجارب الضغط السلبية'' التي بدأت بعد ظهيرة ذلك اليوم تعطي نتائج محيرة. وذكر التحقيق الداخلي الذي أجرته ''بريتش بتروليوم'' أنه لأكثر من ساعة ابتداء من 6:35 مساء، كان كبار ممثلي المجموعة على المنصة ينظرون إلى النتائج ويناقشون التفسيرات المحتملة مع الطاقم الذي يعمل مع متعاقد الحفر، ''ترانسوشن''. قال خبير مستقل استعان باستشارته التحقيق الذي أجراه خفر السواحل الأمريكي إن البيانات تشير بوضوح إلى أنه قد تكون هناك مشكلة في البئر ذاتها. ومع ذلك، ففي الساعة 7:55 مساء، يسجل التحقيق الذي أجرته ''بريتش بتروليوم'' أن ''اختبار الضغط السلبي انتهى، واعتبر اختباراً جيداً''. كان خطأ مميتاً. وبعد أقل من ساعتين لاحقاً، اندفع الغاز المتسرب إلى البئر إلى أعلى أنبوب الضخ نحو السطح، وعلى المنصة. قتل الانفجار الذي نتج عن ذلك 11 شخصاً، وسبَّب أكبر تسرب نفطي نتج عن حادث على الإطلاق، وهدد بخروج ''بريتش بتروليوم''، أكبر مجموعة صناعية في بريطانيا، من قطاع العمل. وسبب التسرب الذعر في البيت الأبيض، وهدد معيشة المئات من الآلاف، وغير تنظيم صناعة النفط في الولايات المتحدة. يعرف روربرت دودلي، الأمريكي البالغ من العمر 55 عاماً الذي تولى للتو منصب الرئيس التنفيذي، أنه إذا أرادت ''بريتش بتروليوم'' الاستمرار، فإن عليه أن يثبت أنها لن تتورط على الإطلاق في مثل هذه الكارثة مجدداً. في تصريحاتها العامة منذ الحادث - أجريت في ضوء المعرفة بأن على الشركة أن تدافع عن ذاتها ضد عاصفة من الدعاوى القانونية - أصرت ''بريتش بتروليوم'' مراراً وتكراراً على أن ثقافتها المتعلقة بالسلامة صحيحة. ومع ذلك، يتضح من كلمات وأفعال دودلي أنه حدد أخطاءً عميقة في موقف المجموعة إزاء المخاطر. على وجه الخصوص، حسبما يقول، في أعقاب كارثة ديب ووتر هورايزن، يجب على ''بريتش بتروليوم'' أن ''تنظر إلى إدارة مخاطر السلامة بطريقة مختلفة''. وحسبما قال للـ ''الفاينانشيال تايمز'' أخيراً: ''علينا أن ننظر فعلياً إلى ما يحدث حينما تكون أمامك هذه الأحداث متدنية الاحتمالية للغاية، ولكنها عالية التأثير تماماًً، وندخلها في ثقافتنا للتفكير في الأمر في كل شيء نفعله''. #2# إذا فشل دودلي، فعلى الأرجح أن تخرج ''بريتش بتروليوم'' من الولايات المتحدة إلى الأبد، وربما تبحث عن ملجأ في استحواذ من جانب شركة إكسون موبيل الأمريكية، أو شركة رويال داتش شل الأوروبية. وكانت ''بريتش بتروليوم''، إلى فترة قريبة للغاية، أكبر منتج للنفط والغاز في العالم الغربي، لكنها أصبحت الآن على حافة النسيان. تقول إيرين هيمونا، من شركة إكسان بي إن بي باريباس: ''تواصل الولايات المتحدة كونها جزءاً أساسياً من مجموعة بريتش بتروليوم، ولا تستطيع الشركة أن تفكر في الحياة دونها. وقد نجت من كارثة ماكوندو لأنه على الرغم من كون التكاليف ضخمة للغاية، إلا أنها تتمتع بتدفقات نقدية قوية، وتبيع قرابة 30 مليار دولار من الأصول. لكنها لا تستطيع أن تتحمل حادثة أخرى''. لكي تنجح، فإن على دودلي أن يحدث تغييراً غير مسبوق في تاريخ ''بريتش بتروليوم'' الذي يمتد إلى 102 عام. وحيث إن سلفيه، اللورد بروني وتوني هايوراد، حاولا الوصول إلى الهدف ذاته وفشلا، فإن من شأن ذلك أن يجعل مهمته أصعب بكثير. حتى قبل كارثة ديب ووتر هورايزن، أظهرت ''بريتش بتروليوم'' جميع الإشارات لكونها مهووسة بالسلامة. وهناك اجتماعات تعقد لمناقشة الأخطار، وكيفية تفاديها، وتوجد قوانين صارمة بشأن الاستخدام الصحيح للسلالم، أو حمل القهوة. لا يوجد دليل في بيانات السلامة التي جاءت في التقارير على أن المجموعة تخرج عما هو مألوف لدى الشركات متعددة الجنسيات الرئيسة الزميلة في مجال النفط. ويظهر تكرار سجلها للحوادث، على سبيل المثال، أنه ذاته بالنسبة لشركة إكسون، التي ينظر إليها عموماً على أنها رائدة السلامة في الصناعة، وأدنى بكثير من المعدل بالنسبة لشركات النفط والغاز الأمريكية. على الرغم من ذلك، كانت ''بريتش بتروليوم'' في العقد الماضي متورطة في حادثين من أسوأ الكوارث في تاريخ صناعة النفط الأمريكية: حادثة ديب ووتر هورايزن، وانفجار مصفاة تكرير تكساس سيتي عام 2005 الذي أودى بحياة 15 شخصاً. وسبب كذلك تسريباً خطيراً للنفط بمعدل خمسة آلاف برميل من أنبوب الضخ في ولاية ألاسكا عام 2006. وجه التقرير المستقل في حادثة تكساس سيتي الذي أعده جيمس بيكر، وزير الخارجية الأمريكية السابق، اللوم إلى ''تركيز شركة بريتش بتروليوم قصير الأجل، ونظام إدارتها اللامركزي، وثقافتها الاستثمارية المغامرة''. وتعهدت الشركة بأن تصبح قائدة في مجال ''سلامة العمليات''، ونفذت أنظمة لمنع الحوادث الكبيرة. وأكد اللورد بروني على ذلك الالتزام بعبارة ''إن شركة بريتش بتروليوم تدرك الأمر''. لدى توليه المنصب في عام 2007، مضى هايوارد إلى أكثر من ذلك، وتعهد بالتركيز ''كشعاع الليزر'' على أمور السلامة. وبسط مجموعة من المعايير والإجراءات المصممة لترسيخ أفضل الممارسات عبر الشركة. أعطت الجهود ثمارها، وفقاً لبيانات الشركة. وتظهر الأرقام التي لم يسبق نشرها أن عدد الحوادث التي من المحتمل أن تسبب حادثاً خطيراً انخفض من 176 حادثاً في عام 2007 إلى 63 في عام 2010، وحتى تاريخه. رغم ذلك، يجادل بوب بي، من جامعة بيركلي في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، بالقول إن الانطباع بوجود أنظمة قوية كان مخادعاً. وتطورت عمليات الحفر في ديب ووتر هورايزن سريعاً خلال العقدين الماضيين، ولم يتم إدراك الأخطار بالكامل. وكانت ''بريتش بتروليوم'' تدفع إلى الوراء حدود ما هو محتمل الحدوث، وحفرت في العام الماضي أعمق بئر على الإطلاق، ويجادل الأستاذ بي بالقول إن المجموعة قللت بشكل ثابت من شأن الاحتمالية، والتأثير المحتمل لأي حادث في المياه العميقة. يقول بي: ''إذا لم يكن لديك اعتقاد بوجود أية مخاوف بشأن الفشل، وعواقبه، فإنها سمة بشرية، بناءً على ذلك، ألا تكون مستعداً لمثل ذلك الفشل وعواقبه''. في التحقيق الداخلي، يتم تسليط الضوء على سوء قراءة وتفسير اختبار الضغط السلبي كمثال مهم حول الكيفية التي أسهم بها تقييم المخاطر غير الملائم للشركة في حدوث الكارثة. وكان الحادث عبارة عن أمر معقد، وسلسلة من الإخفاقات التي أدت إلى الانفجار. ولو تم تنفيذ الاختبار على نحو ملائم، على أية حال، لكان من الممكن تفاديه. يتمثل الدرس المهم بالنسبة للشركة، ليس أن عدداً قليلاً من الأشخاص أخطأوا تقدير الحكم، لكن بعدم وجود أنظمة نافذة في ''بريتش بتروليوم'' لمنع ذلك. ويكشف التحقيق عن أنه لا توجد لديها إجراءات معيارية للطريقة التي يجري بها اختبار الضغط السلبي، وكيف يجب قراءة وتفسير النتائج، أو ما الذي يجب فعله إذا اتضح أن الاختبار كان فشلاً. دون وجود مثل التوجيهات، تم ترك الموظفين لاتخاذ قرارات مهمة بمفردهم. وحيث إن البئر تعمل متخلفة 43 يوماً عن الوقت المحدد، وتتقاضى ''ترانسوشن'' 533 ألف دولار يومياً على المنصة، وكان من الممكن أن يكون كل شخص معني بالأمر مدركاً للتكلفة المرتفعة. وكان باستطاعة ''بريتش بتروليوم'' أن تجري اختباراً آخر لرؤية ما إذا كانت البئر آمنة، لكنها اختارت عدم القيام بذلك، وتوفر في الأجل القصير نحو 118 ألف دولار. لا يعترف دودلي بأن ضغوط التكلفة هي التي أدت إلى اختصار بعض الإجراءات، لكنه يوافق على أنه تمت مقايضة أخطار السلامة مقابل الاعتبارات التجارية. يقول دودلي: ''علينا أن نتأكد بألا نضع الأشخاص في موقع يضطرون فيه إلى اتخاذ خيار ما. ولا أقول إننا فعلنا ذلك، لكن علينا فقط أن نتأكد من ألا نفعل''. تتمثل استراتيجيته لتوليد ذلك التأكيد في فرض عملية أكبر لتوحيد المقاييس، ودفع ''بريتش بتروليوم'' على نحو أقرب إلى الأنموذج المركزي الذي تستخدمه ''إكسون'' بنجاح كبير. وسوف يتم تفكيك عمليات الاستكشاف والإنتاج المسؤولة عن إيجاد واستخراج النفط والغاز، إلى ثلاثة أقسام، ونقل قيادتها إلى لندن. سوف يبتكر دودلي كذلك دائرة عالمية للسلامة والمخاطر التشغيلية، برئيس سوف يكون جزءاً من فريق تنفيذي أعلى، ويعمل كنوع من المنظم الداخلي. وفي أول رسالة إلكترونية إلى الموظفين بصفته رئيساً تنفيذياً، لم يكن دودلي متساهلاً. وكتب قائلاً: ''سوف نقوم بالتنفيذ بمعايير وإجراءات عامة، ولن نتسامح بشأن أي انحرافات عن تلك المعايير''. يردد دودلي الجدل الدائر في صناعة الخدمات المالية التي مزقتها كذلك أحداث متدنية التكرار، لكن تأثيراتها كبيرة، حيث يخطط لاستخدام سياسة دفع المكافأة بناء على الأداء طويل الأجل، فضلاً عن تحقيق الأهداف المالية قصيرة الأجل. ويقول: ''سوف ندرس نظامنا للمكافآت بعناية بالغة لكي نتأكد من أننا سندفع السلوكيات التي نرغب في أن نراها''. يتفق خبراء السلامة على أنه بتطبيق نظام قوي لمراقبة المخاطر، وإعطاء الموظفين الحوافز المناسبة لأخذ مسألة السلامة على محمل الجد، فإنه يقوم بالأمور الصحيحة. وفي شركة عالمية لديها أكثر من 80 ألف موظف، على أية حال، قد يكون القصور الذاتي التنظيمي قوة دافعة قوية. من بين جميع شركات النفط الرئيسة، كانت ''بريتش بتروليوم'' تقليدياً الشركة الأكثر اتساماً بروح المغامرة، واللامركزية، وتسمح لمديريها المحليين بحرية كبيرة في التصرف. وغير هايوراد ذلك، لكن ليس بسرعة كافية. أما في يومنا هذا، فيتحدث دودلي عن ''تطور سريع الوتيرة'' نحو شركة أكثر أمناً. لكنه يضيف: ''كانت لدى شركة بريتش بتروليوم ثقافة أداء خاصة بها، وثقافة ابتكارية للغاية كذلك، وبعض مشاريع الأعمال غير العادية، لكنها فاعلة للغاية في شتى أرجاء العالم. وهذه أشياء لا نريد أن نخسرها، لذا لن يتغير كل شيء في الشركة''. يقول أحد خبراء الصناعة ممن يعرفون الشركة جيداً، إنه يخشى من أن يفشل الرئيس التنفيذي الجديد، مثلما فشل هايوارد، في التصرف بشكل حاسم كافٍ. ويقول: ''الجميع يريد أن يكون عائلة واحدة كبيرة. وتسود ثقافة الرضا عن الذات. والسؤال المطروح هو: هل تملك شركة بريتش بتروليوم القيادة القادرة على إحداث هذه التغييرات؟''. تحذر كاثرين ميرنز، من جامعة أبردين من أن دودلي لن يكون قادراً على الاسترخاء على الإطلاق. وتقول: ''يجب أن يكون في ذهنك دائماً أن من المحتمل أن تفشل أنظمتك، وتواجه حادثاً آخر''. قال دودلي للموظفين في الأسبوع الماضي: ''ما حدث في 20 نيسان (أبريل) يجب ألا يحدث مجدداً''. وعليه أن يفي بالتزامه هذا، وربما يحتاج إلى عامين آخرين لتحقيق أي تقدم. وإذا فشل، فعلى الأرجح أن يستنتج المستثمرون أن الطريقة الوحيدة الفاعلة لكي تصبح ''بريتش بتروليوم'' مثل ''أكسون''، هي أن تستحوذ تلك الأخيرة عليها.
فينانيشال تايمز
فينانيشال تايمز
تعليقات
إرسال تعليق